أعظم ما امتازت به شريعة الإسلام فى تكريمها للإنسان ولم تشاركها فيه ,, لا تشريعات سماوية ولا قوانين وضعية هو ارتقاؤها بالإنسان إلى حد أن أسجدت له الملائكة على نحو ما ورد فى القرآن فى قوله تعالى :
( وإذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشرًا من طين . فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين . فسجد الملائكة كلهم أجمعون . إلا إبليس .. ) .
وموجبات هذا التمييز للإنسان أن الحق تبارك وتعالى ـ قد اصطفاه من بين جميع خلقه ليكون خليفة عنه فى الأرض يعمرها ويحميها من الفساد مستثمرا ما هيأه له الله فيها من المهاد والمعاش حتى يمكّن فيها لكلمات الله من الحق والعدل والإصلاح والخير ..
ولهذا لم يكن تمييز الله للإنسان ( آدم ) بالشكل أو اللون وإنما كان بالعلم على نحو ما جاء فى قوله تعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم ما لا تعلمون . وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئونى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين . قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم .. ) .
وهذا التمييز بالعلم الذى اعتمده الإسلام معيارًا للتفاضل بين آدم ( الإنسان ) وبين الملائكة هو فى المنظور الإسلامى هو المعيار الموضوعى الصحيح لنهضة الشعوب .. وأساس تقدمها . كما هو فى الوقت ذاته ميزان خيرية الأمة الإسلامية الذى يهيئ لها التمكين فى الأرض لكل ما هو حق وعدل ..
ارتقى الإسلام بحقوق الإنسان إلى مرتبة الضرورات التى لا يجوز أن تتخلف أو تنعدم لأنها أساس أهلية الإنسان للاستخلاف عن الله فى الأرض ، وبدونها يفقد الإنسان أهليته ..
وارتقاء الإسلام بحقوق الإنسان إلى مرتبة الضرورات والفروض يمنع الإنسان من التنازل عنها . فحقه فى الحياة لا يجوز إهداره بالانتحار مثلا .
وحقه فى الحرية لا يجوز للإنسان أن يفرط فيه فيقبل حاله الإذلال والمهانة فإن فعل كان آثما يستحق العقوبة من الله كما قالت الآية : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها أولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرًا .إلا المستضعفين من الرجال والنساء والوالدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً .فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم).