من حق الإنسان بل من واجبه فى الإسلام أن يتدبر فيما يقوله من أمور الناس والحياة وفيما حوله كذلك من آيات الله تبارك وتعالى فى خلق الكون وسننه فيه حتى يدرك سنن الله فى الآفاق وفى الأنفس ليوظف ذلك فى خدمة الناس والحياة ، ويكون بهذا صاحب رسالة وإنساناً يشارك فى حمل الأمانة التى حملها هو وتميّز بها عن بقية خلق الله من الحيوان والطير وبقية الكائنات .
هذا التفكير وهذا التدبر فريضة إسلامية أمر بها القرآن الكريم الإنسان , كل إنسان , فى آيات كثيرة
مثل قوله تعالى : ( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ) .
وقوله تعالى : ( قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق )
وقوله تعالى:(أفلا تنظرون إلى الإبل كيف خلقت, وإلى السماء كيف رفعت, وإلى الجبال كيف نصبت, وإلى الأرض كيف سطحت)
وقوله تعالى:( وفى أنفسكم أفلا تبصرون )
وغير هذا كثير مما تدعو إليه آيات القرآن الكريم الإنسان ليتدبر ويتفكر فى آيات الله وسننه فى الكون وكذلك التعرف على أخبار وأحوال السابقين وما جرى عليهم من سنن الله حين استقاموا وما أنزل بهم من بأسه حين كفروا وظلموا .. فيعتبروا ويتدبروا ويستفيدوا من هذا التدبر فى تنظيم حياتهم بما يحقق لهم المنفعة ويحميهم من مخاطر الجهل وسوء التعامل مع الحياة والناس .
وخاصة إذا تذكرنا ما سبق التنبيه إليه من أن الإنسان قد أصبح بحكم المنزلة التى وضعه الله فيها وأكرمه بها وهى منزلة الاستخلاف .. فبحكم هذه المنزلة هو مسئول أمام الله عن عمارة الأرض وحمايتها من الفساد والإفساد كما قال تعالى:(هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها )
أى طلب إليكم عمارتها ، ولا تكون عمارة الأرض ولا تكون حمايتها من الفساد والإفساد إلا بإمعان النظر فى الكون وما فيه وفى الناس والحياة .
وبإيجاز أقول : إن التفكير فريضة إسلامية لأنها السبيل إلى عبادة الله والسبيل إلى حسن إعمار الأرض والتمكين فيها لقيم الحق والعدل ، ومن ثم فهى أحد الحقوق الأساسية للإنسان .
_________